سورة النساء - تفسير تفسير الخازن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النساء)


        


قوله عز وجل: {يا أهل الكتاب} نزلت هذه الآية في النصارى وذلك أن الله تعالى لما أجاب عن شبه اليهود فيما تقدم من الآية اتبع ذلك بإبطال ما تعتقده النصارى وأصناف أربعة: اليعقوبية والملكانية والنسطورية والمرقوسية، فأما اليعقوبية والملكانية فقالوا في عيسى أنه الله وقالت النسطورية إنه ابن الله وقالت المرقوسية ثالث ثلاثة وقيل: إنهم يقولون إن عيسى جوهر واحد ثلاثة أقانيم أقنوم الأب وبأقنوم الابن وأقنوم روح القدس وأنهم يريدون بأقنوم الأب الذات وأقنوم الابن عيسى. وبأقنوم روح القدس الحياة الحالة فيه فتقديره عندهم الإله ثلاثة، وقيل إنهم يقولون في عيسى ناسوتية وألوهية فناسوتيته من قبل الأم وألوهيته من قبل الأب تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً يقال إن الذين أظهر هذا للنصارى رجل من اليهود يقال له بولص تنصر ودس هذا في دين النصارى ليضلهم بذلك. وستأتي قصته في سورة التوبة إن شاء الله تعالى وقيل يحتمل أن يكون المراد بأهل الكتاب اليهود والنصارى جميعاً. فإنهم غلوا في أمر عيسى عليه السلام. فأما اليهود فإنهم بالغوا في التقصير في أمره حتى حطوه عن منزلته حيث جعلوه مولوداً لغير رشده وغلت النصارى في رفع عيسى عن منزلته ومقداره حيث جعلوه إلهاً فقال الله تعالى رداً عليهم جميعاً يا أهل الكتاب {لا تغلوا في دينكم} وأصل الغلو مجاوزة الحد وهو في الدين حرام والمعنى لا تفرطوا في أمر عيسى ولا تحطوه عن منزلته ولا ترفعوه فوق قدره ومنزلته {ولا تقولوا على الله إلاّ الحق} يعني لا تقولوا إن له شريكاً وولداً وقيل معناه لا تصفوه بالحلول والاتحاد في بدن الإنسان ونزهوا الله تعالى عن ذلك، ولما منعهم الله من الغلو في دينهم أرشدهم إلى طريق الحق في أمر عسى عليه السلام فقال تعالى: {إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله} يقول إنما المسيح هو عيسى ابن مريم ليس له نسب غير هذا وأنه رسول الله فمن زعم هذا فقد كفر وأشرك {وكلمته} هي قوله تعالى: {كن} فكان بشراً من غير أب ولا واسطة {ألقاها إلى مريم} يعني أوصلها إلى مريم {وروح منه} يعني أنه كسائر الأرواح التي خلقها الله تعالى وإنما أضافه إلى نفسه على سبيل التشريف والتكريم كما يقال بيت الله وناقة الله. وهذه نعمة الله يعني أنه تفضل بها وقيل الروح هو الذي نفخ فيه جبريل في جيب درع مريم فحملت بإذن الله. وإنما أضافه إلى نفسه بقوله منه لأنه وجد بأمر الله قال بعض المفسرين إن الله تعالى لما خلق أرواح البشر جعلها في صلب آدم عليه السلام، وأمسك عنده روح عيسى عليه السلام فلما أراد الله أن يخلقه أرسل بروحه مع جبريل إلى مريم فنفخ في جيب درعها فحملت بعيسى عليه السلام وقيل إن الروح والريح متقاربان في كلام العرب، فالروح عبارة عن نفخ جبريل عليه السلام وقوله منه يعني إن ذلك النفخ كان يأمره وإذنه وقيل أدخل النكرة في قوله وروح على سبيل التعظيم والمعنى روح وأي روح من الأرواح القدسية العالية المطهرة وقوله منه إضافته تلك الروح إلى نفسه لأجل التشريف والتكريم.
(ق) عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من شهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبد ه ورسوله وأن عيسى عبد ه ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه والجنة والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل».
وقوله تعالى: {فآمنوا بالله ورسله} يعني فصدقوا يا أهل الكتاب بوحدانية الله وأنه لا ولد له وصدقوا رسله فيما جاءكم به من عند الله وصدقوا بأن عيسى عليه السلام من رسل الله فآمنوا به ولا تجعلوه إله وقوله تعالى: {ولا تقولوا ثلاثة} يعني ولا تقولوا الآلهة ثلاثة وذلك أن النصارى يقولون أب وابن وروح القدس وقيل إنهم يقولون إن الله بالجوهر ثلاثة أقانيم وذلك أنهم أثبتوا ذاتاً موصوفة بصفات ثلاثة بدليل أنهم يجوزون على تلك الذات الحلول في عيسى وفي مريم فأثبتوا ذواتاً متعددة ثلاثة وهذا هو محض الكفر. فلهذا قال الله تعالى ولا تقولوا ثلاثة {انتهوا خيراً لكم} يعني يكون الانتهاء عن هذا القول خير لكم من القول بالتثليث ثم نزه الله تعالى نفسه عن قول النصارى بالتثليث فقال تعالى: {إنما الله إله واحد} ثم نزه نفسه عن الولد فقال {سبحانه أن يكون له ولد} يعني لا ينبغي أن يكون له ولد لأن الولد جزء من الأب وتعالى الله عن التجزئة، وعن صفات الحدوث {له ما في السموات وما في الأرض} يعني أنه تعالى له ملك السموات والأرض وما فيهما عبيده وملكه وعيسى ومريم من جملة من فيهما فهما عبيده وملكه فإذا كانا عبد ين له فكيف يعقل مع هذا أن له ولداً أو زوجة تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً؟ وهذا بيان لتنزيهه مما نسب إليه من الولد والمعنى أن جميع ما في السموات والأرض خلقه وملكه فكيف يكون بعض ملكه جزء منه؟ لأن التجزئة إنما تصح في الأجسام والله تعالى منزه عن صفات الأعراض والأجسام {وكفى بالله وكيلاً} يعني أنه تعالى كاف في تدبير خلقه فلا حاجة له إلى غيره، وكل الخلق محتاجون إليه وفقراء إليه وهو غني عنهم.


وقوله تعالى: {لن يستنكف المسيح أن يكون عبد اً لله} وذلك أن وفد نجران قالوا يا محمد إنك تعيب صاحبنا فتقول إنه عبد الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنه ليس بعارعلى عيسى أن يكون عبد الله فنزلت لن يستنكف المسيح يعني لن يأنف ولن يتعظم والاستنكاف الاستكبار مع الأنفة يقال نكفت من كذا واستنكفت منه أي أنفت منه وأصله من نكفت الشيء نحيته ونكفت الدمع إذا نحيته بأصبعك من خدك والمعنى لن ينقبض ولن يمتنع ولن يأنف المسيح أن يكون عبد الله {ولا الملائكة المقربون} يعني ولن يستنكف الملائكة المقربون وهم حملة العرش والكروبيون وأفاضل الملائكة مثل: جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل أن يكونوا عبيدالله لأنهم في ملكه ومن جملة خلقه وقيل لما ادّعت النصارى في عيسى أنه ابن الله وذلك لما رأوا منه خوارق العادات من أحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وغير ذلك من المعجزات، أجاب الله تعالى عن هذه الشبهات التي وقعت للنصارى بأن عيسى من شرف قدره وكرامته لن يستنكف أن يكون عبد اً لله. وكذلك الملائكة المقربون فإنهم مع كرامتهم وعلو منزلتهم لن يستنكفوا أن يكونوا عبيداً لله وقد يستدل بهذه الآية من يقول بتفضيل الملائكة على البشر ووجه الدليل أن الله تعالى ارتقى من عيسى إلى الملائكة ولا يرتقي إلاّ من الأدنى إلى الأعلى ولا حجة لهم فيه والجواب عنه أن الله تعالى لم يقل ذلك رفعاً لمقامهم على مقام البشر بل قاله رداً على من يقول إن الملائكة بنات الله أو أنهم آلهة كما رد على النصارى قولهم إن المسيح ابن الله وقاله أيضاً على النصارى فإنهم يقولون بتفضيل الملائكة يعني كما أن المسيح عبد الله فكذلك الملائكة عبيدالله. وقوله تعالى: {ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر} يعني ومن يتعظم عن عبادة الله ويأنف من التذلل لله والخضوع والطاعات من جميع خلقه {فسيحشرهم إليه جميعاً} يعني فسيبعثهم يوم القيامة لموعدهم الذي وعدهم حيث لا يملكون لأنفسهم شيئاً {فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم} يعني يوفيهم جزاء أعمالهم الصالحة {ويزيدهم من فضله} يعني ويزيدهم على ما أعطاهم من الثواب على أعمالهم الصالحة من التضعيف على ذلك ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر {وأما الذين استنكفوا واستكبروا} يعني الذين أنفوا وتكبروا عن عبادة الله تعالى {فيعذبهم عذاباً أليماً ولا يجدون لهم من دون الله} يعني من سوى الله لأنفسهم {وليّاً} يعني ينجيهم من عذابه {ولا نصيراً} يعني ولا ناصراً ينصرهم منه، ويدفع عنهم عقوبته بقي في الآية سؤال وهو أن التفصيل غير مطابق للمفصل لأن التفصيل اشتمل على ذكر فريقين: وهو قوله: {فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم وأما الذين استنكفوا واستكبروا} والمفصل اشتمل على ذكر فريق واحد وهو قوله: {ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر} والجواب أنه لا إشكال فيه فهو مثل قولك جمع الإمام الخوارج فمن لم يخرج عليه كساه وحمله ومن خرج عليه نكل به، وصحة ذلك لوجهين: أحدهما أنه حذف ذكر أحد الفريقين لدلالة التفصيل عليه لأن ذكر أحدهما يدل على ذكر الثاني، والوجه الثاني أن الإحسان إلى غيرهم مما يغمهم فكان داخلاً في جملة التنكيل بهم فكأنه قال ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فيعذبهم بالحسرة والغم إذا رأوا أجور المطيعين العاملين لله تعالى.
قوله عز وجل: {يا أيها الناس} خطاب للكافة {قد جاءكم برهان من ربكم} يعني محمداً صلى الله عليه وسلم وما جاء به من البينات من ربه عز وجل وإنما سماه برهاناً لما معه من المعجزات الباهرات التي تشهد بصدقة ولأن للبرهان دليل على إقامة الحق وإيصال الباطل والنبي صلى الله عليه وسلم كان كذلك ولأنه تعالى جعله حجة قاطعة قطع به عذر جميع الخلائق {وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً} يعني القرآن وإنما سماه نوراً لأن به تتبين الأحكام كما تتبين الأشياء بالنور بعد الظلام ولأنه سبب لوقوع نور الإيمان في القلب فسماه نوراً لهذا المعنى {فإما الذين آمنوا بالله} يعني صدقوا بوحدانية الله وبما أرسل من رسول وأنزل من كتاب {واعتصموا به} يعني بالله في أن يثبتهم على الإيمان ويصونهم عن زيغ الشيطان، وقيل في معنى واعتصموا به أي وتمسكوا بالنور وهو القرآن الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم {فسيدخلهم في رحمة منه} يعني فسيدخلهم في رحمته التي ينجيهم بها من أليم عذابه قال ابن عباس الرحمة الجنة {وفضل} يعني ما يتفضل به عليهم بعد إدخالهم الجنة مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر {ويهديهم إليه صراطاً مستقيماً} يعني ويوفقهم لإصابة فضله الذي تفضل به عليهم ويسددهم لسلوك منهج من أنعم عليه من أهل طاعته ويرشدهم لدينه الذي ارتضاه لعباده وهو دين الإسلام.


قوله تعالى: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} نزلت في جابر بن عبد الله الأنصاري.
(ق) عن جابر بن عبد الله قال مرضت فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يعوداني ماشيين فأغمي عليّ فتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم ثم صب علي من وضوئه فأفقت فإذا النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله كيف أصنع في مالي؟ كيف أقضي في مالي؟ فلم يرد عليّ شيئاً حتى نزلت آية الميراث: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} وفي رواية فقلت يا رسول الله إنما يرثني كلالة فنزلت آية الميراث قال شعبة فقلت لمحمد بن المنكدر يستفتونك: {قل الله يفتيكم في الكلالة} قال هكذا نزلت في رواية الترمذي وكان لي تسع أخوات حتى نزلت آية الميراث: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} ولأبي داود قال اشتكيت وعند سبع أخوات فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فنفخ في وجهي فأفقت فقلت يا رسول الله ألا أوصي لأخواتي بالثلثين؟ قال أحسن قلت بالشطر؟ قال أحسن ثم خرج وتركني فقال يا جابر لا أراك ميتاً من وجعك هذا وان الله قد أنزل فبين الذي لأخواتك فجعل لهن الثلثين قال فكان جابر يقول أنزلت هذه الآية في: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} وروى الطبري عن قتادة أن الصحابة أهمهم شأن الكلالة فسألوا عنها نبي الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله هذه الآية وروى عن ابن سيرين قال نزلت: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} والنبي صلى الله عليه وسلم في مسير له وإلى جنبه حذيفة بن اليمان فبلغها النبي صلى الله عليه وسلم حذيفة وبلغها حذيفة عمر بن الخطاب وهو يسير خلفه فلما استخلف عمر سأل حذيفة عنها ورجا أن يكون عنده تفسيرها، فقال له حذيفة والله لأنك لعاجز إن ظننت أن إمارتك تحملني أن أحدثك فيها ما لم أحدثك يومئذٍ فقال عمر لم أرد هذا رحمك الله. وأما التفسير فقوله تعالى: {يستفتونك} يعني يسألونك ويستخبرونك عن معنى الكلالة يا محمد قل: الله يفتيكم في الكلالة يعني أن الله هو يخبركم عما سألتم عنه من أمر الكلالة. وقد تقدم في أول السورة الكلام على معنى الكلالة من حيث الاشتقاق وغيره وأن اسم الكلالة يقع على الوارث وعلى الموروث فإن وقع على الوارث فهم من سوى الوالد والولد وإن وقع على الموروث فهو من مات ولا يرثه أحد الأبوين ولا أحد الأولاد.
قوله تعالى: {إن امرؤ هلك} يعني مات الموت هلاكاً لأنه أعدام في الحقيقة {ليس له ولد} يعني ولا والد فاكتفى بذكر أحدهما عن الآخر ودل على المحذوف أن السؤال في الفتيا إنما كان في الكلالة وقد تقدم أن الكلالة من ليس ولد ولا والد {ولا أخت} يعني ولذلك الهالك أخت وأراد بالأخت من أبيه وأمه أو من أبيه {فلها نصف ما ترك} يعني فلأخت الميت نصف تركته وهو فرضها إذا انفردت وباقي المال لبيت المال إذا لم يكن للميت عصبة.
وهذا مذهب زيد بن ثابت وبه قال الشافعي وعند أبي حنيفة وأهل العراق يرد الباقي عليها فإذا كان للميت بنت أخذت النصف بالفرض وتأخذ الأخت النصف الباقي بالتعصيب لا بالفرض لأن الأخوات مع البنات عصبة.
وقوله تعالى: {وهو يرثها إن لم يكن لها ولد} يعني أن الأخت إذا ماتت وتركت أخاً من الأب والأم أو من الأب فإنه يستغرق جميع ميراث الأخت إذا انفرد ولم يكن للأخت ولد وهذا أصل في جميع العصبات واستغراقهم جميع المال، فأما الأخ من الأم فإنه صاحب فرض لا يستغرق جميع المال وقد تقدم بيانه {فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك} أراد بنتين فصاعداً وهو أن من مات وترك أختين أو أخوات فلهن الثلثان مما ترك الميت {وإن كانوا إخوة رجالاً ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين} يعني وان كان المتروكون من الإخوة رجالاً ونساء فللذكر منهم نصيب اثنتين من الإخوة الإناث {يبين الله لكم أن تضلوا} يعني يبين الله لكم هذه الفرائض والأحكام لئلا تضلوا. وقيل معناه كراهية أن تضلوا وقيل بيّن الله الضلالة لتجتنبوها {والله بكل شيء عليم} يعني من مصالح عباده التي حكم بها من قسمة المواريث وبيان الأحكام وغير ذلك لأن علمه محيط بكل شيء.
(ق) عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال إن آخر سورة نزلت تامة سورة التوبة وإن آخر آية نزلت آية وفي رواية لمسلم قال آخر آية نزلت يستفتونك وروي عن ابن عباس أن آخر سورة نزلت سورة التوبة وأن آخر آية الكلالة وفي رواية لمسلم قال آخر آية الربا وآخر سورة نزلت إذا جاء نصر الله والفتح وروي عنه أن آخر آية نزلت {واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله} وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم عاش بعد نزول سورة النصر سنة ونزلت بعدها سورة براءة وهي آخر سورة نزلت كاملة فعاش بعدها ستة أشهر هكذا ذكره البغوي وفيه نظر لأنه قد ثبت في الصحيحن من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه في الحجة التي أمره عليها قبل حجة الوداع في رهط يؤذن في الناس يوم النحر: ألا لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان. ثم أردف النبي صلى الله عليه وسلم بعلي بن أبي طالب فأمره أن يؤذن ببراءة قال أبو هريرة فأذن معنا في أهل منى ببراءة ألا لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان. وكانت حجة أبي بكر هذه سنة تسع قبل حجة الوداع بسنة قال البغوي: ثم نزلت في طريق حجة الوداع {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} فسميت آية الصيف ثم نزلت وهو واقف بعرفة {اليوم أكملت لكم دينكم} فعاش بعدها أحداً وثمانين يوماً ثم نزلت آية الربا ثم نزلت: {واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله} عاش النبي صلى الله عليه وسلم بعدها أحداً وعشرين يوماً. وهذا آخر تفسير سورة النساء والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.

24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31